العلم والدول الاستعمارية
د. محمد ناصف
لم يصنع القصير المكير الكورسيكي المولد بونابرت إنتصاراته، وغزوه للبلدان بعبقرية عسكرية فقط بل كان يسبقها عبقرية علمية اعتمد فيها على علماء فرنسا ليس من أجل فرنسا، ولكن من أجل مجده الشخصي فربما ولعه بقراءة التاريخ خاصة تاريخ الأمم السابقة رسخ في ذهنه فكرة “التمجيد” ، وهذه آفة الحكام على مر العصور. فقبل عام 1798م لاحت فكرة غزو مصر لنابليون بونابرت لأسباب عدة منها لتكوين امبراطورية فرنسية في الشرق ولقطع الطريق بين بريطانيا ومستعمراتها في الهند والاعتماد على مواردها، وحينما أعطيت إشارة البدء جلب معه مجموعة من العلماء والباحثين في الأدب والثقافة والتاريخ والآثار والجغرافيا وغيرهم من باقي التخصصات وتبلور إنتاجهم الفكري والبحثي والميداني في رائعة “وصف مصر“.
جدير بالذكر أنه كانت هناك تقسيمات بين العلماء لمسح الأراضي المصرية والأجزاء الحدودية ، وكان لكل عالم مجموعة تعمل معه وتحت قيادته.
وعندما تُذكر الحملة الفرنسية يأتي للأذهان “وصف مصر” وحجر رشيد وشامبيلون، ولكن كان هناك المزيد الذي يجب أن نلتفت إليه كجغرافيين وهو إنتاج مساحي وجغرافي هذه الحملة والذي ترأسهم الكارتوجرافي ” بيير جاكوتين Pierre Jacotin” حيث تم مسح كل جزء من أرض مصر إضافة إلى أجزاء خارج الحدود المصرية بدأ من عام 1799م . في عام 1802 م أعطى نابليون الأمر لنشر نتائج اللجنة في عمل ضخم متعدد الأجزاء ونشرت الطبعة الإمبراطورية الأصلية عام 1809 م .
في عام 1818 م في عهد لويس الثامن عشر الذي خلف نابليون صدرت الطبعة الثانية وصدر معها أطلسا بعنوان “أطلس مصر وأجزاء من الأراضي الحدودية” متضمنا لوحات تفصيلية بمقياس 1: 100000 لكل أجزاء الأراضي المصرية والأجزاء الحدودية المجاورة… إليكم الأطلس بجودة عالية على موقع مكتبة الكونجرس الأمريكية.