جحا والتعايش مع الواقع
د. محمد ناصف
افتتح جحا محلًا لتصليح الساعات، وذات يوم قدم إليه رجلًا بديك قائلا له: أريد منك أن تصلح لي هذا الديك فقال له جحا ساخرا: يا رجل أين عقلك؟! هذا محل لتصليح الساعات وليس لتصليح الديكة!
فأصر الرجل قائلا: نعم أعلم ذلك يا جحا ولهذا جئتك لتصلحه لي
فرد جحا ناصحا: يا رجل احتكم لعقلك الديكة لا يصلحها الساعاتي! وأمام إصرار الرجل سأله جحا ماذا به؟ قال له: هذا الديك كان يؤذن مع آذان الفجر ومنذ أسبوع وهو لا يؤذن بل يغير مواعيد الفجر فتارة يؤذن بالظهر وتارة يؤذن بين العصر والمغرب فأريدك أن تصلحه ليؤذن مع الفجر كما كان من قبل
فأجابه جحا: وهو كذلك اتركه وأتي غدًا لتأخذه وفي المساء أخذ جحا الديك لبيته وذبحه وأكله ثم أخذ عظام الديك معه للمحل في إناء
في اليوم التالي جاء الرجل صاحب الديك سأئلا: ماذا فعلت بالديك ياجحا؟ فرد جحا: ابن حلال أنا لسه فاكك الديك وشغال فيه أهو زي ما انت شايف، فلتمر علي غدًا وستجدني قد ركبته وأصلحته
وكل يوم يقول جحا للرجل نفس الكلام حتى مات الرجل ويكرر جحا نفس الكلام للورثة فلتمروا علي غدا أكون قد أصلحت الديك وحتى الآن لم يصلح جحا الديك ولن يصلحه لأن جحا لا يعلم شيئا عن الديكة إلا أكلها، ولأن الرجل أخطأ عندما اعتمد على عقله الفاسد وأخطأ عندما صدق جحا وتعايش مع الواقع!!
يا ترى كم واحد في الوطن فاكك الديكة وبيصلحها وكم واحد في الوطن منتظر الديكة تتركب وتتصلح وتعود كما كانت؟!… خلينا نتعايش مع الواقع وننتظر جحا يركب الديك اللي فكه!